النافذة الأخيرة: بداية العزلة في شقة تراقب ساكنتها وتهمس باسم الضحية القادمة في صمت مخيف

النافذة الأخيرة: بداية العزلة في شقة تراقب ساكنتها وتهمس باسم الضحية القادمة في صمت مخيف

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

النافذة الأخيرة: بداية العزلة في شقة تراقب ساكنتها وتهمس باسم الضحية القادمة في صمت مخيف

 

ليلى دفعت عربة اليد المثقلة بالحقائب، وهي تتنفس بعمق أمام الباب الحديدي القديم للمبنى. المبنى كان يبدو أكبر مما توقعت، واجهته باهتة بألوان باهتة وطلاء متقشر، ونوافذه، بعضها مكسور والبعض الآخر مغلق بإحكام، كانت تعكس ضوء الشمس المتسلل من بين الغيوم الرمادية الخريفية.

كانت قد اختارت هذه الشقة خصيصًا: مكان هادئ، بعيد عن ضوضاء المدينة، لتكتب روايتها الجديدة. لكنها لم تتخيل أن العزلة قد تبدو بهذا الشكل المخيف.

دخلت المبنى، وسرعان ما لاحظت رائحة العفن القديمة التي تملأ الممر. الأصوات التي كانت تسمعها—صرير الأرضية، خرير ماء من الصنبور المهجور في الطابق الثالث—كانت أكثر وضوحًا من أي شيء آخر. كل خطوة كانت صدى في الممر الطويل، كأن المبنى يراقبها.

وصلت إلى باب شقتها في الطابق الخامس، ووضعت المفتاح في القفل. صرير الباب الملتوي أصدر

صوتًا مخيفًا، لكنها دفعت نفسها إلى الداخل. الشقة كانت مهجورة جزئيًا: الطلاء متقشر، الأرضية مغطاة بغبار رقيق، ونافذة واحدة كبيرة تطل على فناء مظلم يبدو أعمق وأكثر غموضًا مما يمكن لأي شقة عادية أن تراه.

ليلى أفرغت الحقائب وبدأت ترتيب أغراضها. عند النظر إلى الفناء، شعرت بشيء غريب: ظل يتحرك على الطابق العلوي من المبنى، خلف نافذة مغلقة. في البداية، اعتقدت أنه مجرد خيال أو انعكاس الشمس، لكنها لم تستطع تجاهله. ظل يتحرك مرة أخرى، أسرع هذه المرة، وكأن عينًا تراقبها.

تراجعت خطوة إلى الوراء، قلبها يدق بسرعة. فتحت النافذة ببطء، أملًا في رؤية مجرد غبار يتحرك مع الريح، لكن الفضاء كان فارغًا، لا أحد هناك. حاولت إقناع نفسها بأنها تتوهم، لكنها لم تستطع التخلص من إحساس العيون التي لم ترها، لكنها شعرت بها بوضوح.

اقتربت من الطاولة الصغيرة في الشقة، وجلست، محاولة التركيز على وضع الحقائب بعيدًا عن تفكيرها. لكنها شعرت بأن كل زاوية في الغرفة، كل ظل على الحائط، يهمس لها شيئًا لم تفهمه بعد.

 بينما كانت تتفقد مكتبتها الصغيرة، لمحَت على الفور شيء على النافذة—وجه غامض يختفي بسرعة قبل أن تتمكن من التعرف عليه. شعرت بقشعريرة شديدة تسري في جسدها، وكأن المبنى كله يراقبها.

 

ليلى جلست على الطاولة، قلبها لا يزال ينبض بسرعة، عيونها تتفحص الظلال التي تلعب على الجدران بفعل ضوء النافذة. فجأة، سمعت همسات خافتة، أصواتًا متقطعة تأتي من الغرفة نفسها، كأن جدران الشقة تتحدث إليها سرًا.

في البداية، اعتقدت أنها خيالها، إرهاق من يوم طويل من الانتقال والترتيب، لكنها توقفت عن الحركة وركّزت على الصوت. كانت الهمسات أقرب وأوضح، لكنها لم تكن مفهومة بالكلمات. مجرد خرير، صدى، همس غريب يلتف حول الغرفة.

تقدمت بخطوات حذرة نحو المرآة المعلقة على الحائط المقابل للنافذة. كل حركة لها تصنع صدىً في الغرفة، لكن الهمسات لم تتوقف، بل ازدادت قوة، وكأنها تتبع خطواتها.

اقتربت من المرآة، حاولت أن ترى انعكاسها، لكن بدلاً من ذلك، بدا لها شيء غريب: رسالة مكتوبة بخط أسود رقيق على سطح المرآة نفسها. كانت الكلمات تتلألأ تحت ضوء الشارع الخافت الذي يدخل من النافذة:

“أنتِ التالية.”

تجمّدت ليلى في مكانها، يديها ترتجفان. قلبها يقفز في صدرها كما لو أن شيئًا يحاول الانقضاض عليه. نظرت حولها، الغرفة كانت فارغة، لا أحد، لكن الهمسات لم تختفِ.

حاولت أن تمسح الرسالة، لكنها بقيت كما هي، وكأن المرآة تمتص خوفها وتعيده إليها بصوت صامت. شعرت بأن المكان كله يزحف عليها، وأن كل زاوية مخفية في الغرفة تخبئ شيئًا يراقبها بصمت.

جلست على الأرض، محاولة جمع شجاعتها، وفجأة شعرت بنسمة باردة تمر عبر جسدها، تأتي من لا شيء، تجعل شعيرات عنقها تقف. لم يقتصر الأمر على الهمسات، بل كان هناك إحساس قوي بأن الشقة نفسها تتحرك، تتنفس حولها.

قبل أن تتمكن من التحرك، سمعت صوت أقدام خفيفة تسير على الأرض خلفها، لكن عند التحقق، لم يكن هناك أحد. كان الصوت قريبًا جدًا، كما لو أن شخصًا ما يقف خلفها مباشرة، يراقب كل حركة.

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
بابلي : قصص ورواية تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.