رواية السماء لا تتسع لنا -الفصل الاول (الكاتبة علا ابراهيم)

رواية السماء لا تتسع لنا -الفصل الاول (الكاتبة علا ابراهيم)

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

حياته عبارة عن سهر وخروجات وبنات... لا يعرف معنى الالتزام. ورغم إنه يدير شركات والده بصرامة، إلا إن حياته الشخصية كانت فوضى.

لا يطيق المرأة التي تحاول تقييده،ولا تلك شديدة العاطفة التى تفتعل الدراما وتضغط علية ...هو فقط يريد حريته، حتى لو كانت على حساب أي مشاعر.

> كان جالسًا على الشاطئ، يستمتع برحلة صيفية مرحة مع أصدقائه، بينما على الجهة المقابلة كانت مجموعة من الفتيات يجلسن على الرمال، يتبادلن الضحكات والنظرات.

وسط الأجواء الصاخبة، رنّ هاتفه. زفر بضيق وهو ينهض مبتعدًا قليلاً عن المجموعة، يعلم تمامًا من المتصل وماذا تريد.

*"أيّ يا فاروق، جاى امتى يا حبيبي؟" جاءه صوت خالته ، السيدة روما، دافئًا كما اعتاد.

" يعنى يومين يا روما." قالها بكسل، لكن بنبرة دافئة.

"ماشى يا حبيبي، تعالى بسرعة عشان أنا لقيتلك العروسة!" قالتها بسعادة واضحة، تخفي خلفها لهفة الأم التي ربّت ابن أختها وكأنه ابنها تمامًا. وهو أيضًا لم يكن يراها أقل من والدته.

ابتسم فاروق، يدرك أن الوقت قد حان. يعلم من هي العروس، ويعلم جيدًا أن خالته لم تكن تعرف أنها سيدرا... تلك الفتاة التي سكنت تفكيره منذ لقائهما الأول. فتاة من عائلة مرموقة، اختارتها له خالته ظنًا منها أنها الخيار المناسب، دون أن تدري أنها اختارت له الفتاة التي شغلت قلبه وتجاهلته بلا رحمة.

تنهد وهو يعود بذاكرته لأول مرة رآها فيها…

كان داخل محل عطور فاخر، بينما رجاله يحيطون بالمكان من الخارج، يقفون بأجسادهم الضخمة أمام السيارات، يمنحونه هيبته المعتادة.

فاروق، الشاب المدلل كما يقولون، دخل بخطوات واثقة، يرتدي نظارته الشمسية فوق ملابسه الكاجوال التي زادت وسامته وقوة حضوره.

لم يكن يتوقع أن تشتّت انتباهه فتاة، لكن عينيه وقعتا على فتاة تجلس أرضًا، يبدو أن شيئًا سقط منها. شعرها البني المائل للعسلي يتخلله خصلات ذهبية، يغطي جانبًا من وجهها.

لحظة…

رفعت رأسها ببطء، لتصطدم نظراتها بنظراته عيونها الزرقاء الواسعة.

اتّسعت عيناه ، وبدا عليه الذهول. لم تكن مجرد جميلة... كانت مختلفة. فيها شيء آخر لم يستطع تحديده، لكنه أسر قلبه فورًا.

خلع نظارته دون وعي، جلس على ركبتيه أمامها بابتسامة مغازلة وهمس:

- “ده لون عنيكي بجد؟”

لكنها وقفت سريعًا، متوترة، متجاهلة وجوده تمامًا، واستدارت ناحية البائع لتُعطيه باقي النقود.

ظل في مكانه يراقبها، ولم يُخفِ إعجابه. على العكس، ابتسامته اتسعت وكأن التحدي بدأ للتو.

- "ولا واحدة صمدت قبلك... وإنتي؟ هتكوني مختلفة؟" همسها بينه وبين نفسه.

خرجت من المحل، مدركة تمامًا أنه يحدق بها.

رمقته بنظرة سريعة، فابتسم لها بثقة.

لكنها أدارت وجهها بسرعة، وكأنها تقطع عليه فرصة التقرّب.

عاد من شروده على الشاطئ، وابتسامة خبيثة ترتسم على وجهه.

- “وها هي... ستصبح زوجته.”

عاد إلى "الشاليه"، مرهقًا، ليجد الخادمة أمامه.

قال بتعب وهو يجلس على الأريكة ويرتمي بجسده:

- “اعمليلي قهوة.”

قرر أنه، ابتداءً من الغد، سيعود إلى منزله.

هزّت الخادمة رأسها بطاعة واتجهت إلى المطبخ.

لكن الحقيقة أنها ليست مجرد خادمة... إنها أروى.

ابنة الرجل الذي كان يعمل عند والد فاروق، لم يكن خادما بل كان حارسه الشخصي.

أما والدتها، فقد توفيت بعد ولادة أروى بسنوات قليلة.

وحين تعثّر والدها ماديًّا وعجز عن سداد الإيجار، أخرجهم صاحب المنزل و جاءت أروى مع والدها إلى القصر.

عندما كانت صغيرة، في التاسعة من عمرها، ونامت مع والدها في الغرفة الصغيرة بحديقة المنزل لمدة يومين فقط.

لكنها لا تنسى ذلك اليوم... يوم رأت فاروق لأول مرة.

كان فتى وسيمًا، جريئًا، وعيناه تلمعان بخفة ظل غريبة. غازلها بكلمة،

ولأنها بطبعها خجولة، فارتبكت و تجاهلته وغضبت ودخلت مسرعة خلف والدها.

لكن رغم هذا... أعجبت به بشدة ولم تنكر ذلك ابدآ.

كانت كلماته المعسولة، ومغازلته الطفولية، تزيده وسامة في عينيها.

وفي اليوم التالي، فوجئت به يستأذن والدها أن تلعب معه.

وافق والدها، وبالفعل، لعبا سويًا واستمتعا كثيرًا.

كانت سعيدة، ولم تعرف شعوره هو وقتها، لكنه كان يعاملها كملكة.

رغم صغر سنهم، إلا أنها شعرت أن ما بينهما كان مميزًا.

وبعد اللعب اوصلها فاروق إلى باب الغرفة فى الحديقة، وكان لا يريد أن يتركها

لكنها دخلت بسرعة، بخجل، عندما رأت والدها واقفًا.

أما فاروق، فغادر منزعجًا لأنها لن تبيت معه تلك الليلة كما يظن.

في صباح اليوم التالي، استيقظت على نفسها نائمة داخل السيارة.

والدها كان يقود، وفزعت بسرعة، وجلست في الكرسي الأمامي، تسأله عمّا يحدث.

فقال لها بابتسامة متعبة:

- “أخيرًا لقيت لنا مكان نعيش فيه.”

خرجت أروى من تلك الذكرى على صوت فاروق من خلفها عند باب المطبخ، يحدثها

التفتت إليه بسرعة، ولاحظ هو حركتها السريعة... لكنه لم يعلّق.

قال بلهجة آمرة وجادة:

- “جهّزي الشنط... هنسافر بكرة.”

أومأت برأسها، وما إن غادر حتى تنفّست براحة.

رغم كل شيء... ما زالت تكنّ له مشاعر إعجاب شديدة.

ما زالت تراه ذلك الطفل نفسه، بنفس مغازلته وحنانه.

لكن الشيء الذي تغيّر... أنه أصبح يغازل امرأة جديدة كل يوم.

تعلم أنه لا يحب أي واحدة منهن، ولا واحدة تفهمه.

لكنها تعرف أيضًا أن هذا لا يعطيه الحق أن يمثل عليهن دور الحبيب، ثم يملّ ويتركهن.

هو يختار الفتيات الجريئات والصريحات…

وربما هذا "الدرس" الذي يعطيه لكل واحدة يجعلهن أكثر حذرًا لاحقًا في فتح قلوبهن لأي شاب.

دخلت أروى الغرفة لتجمع ملابسه أولًا، ثم ملابسها.

كل شيء فيه رائحته…

كل قطعة تُذكّرها بعينيه، بنظرته المغازِلة، بتلك البراءة المختلطة بالتمرد.

وبعد أن انتهت من كل شيء، دخلت غرفتها، وفتحت أحد الأدراج.

أخرجت ملفًا كبيرًا مليئًا بالصور... الألبوم الذي لا يراه أحد سواها.

راحت تسحب كل صورة تخصه وتضعها داخل حقيبتها

رواية السماء لا تتسع لنا image about رواية السماء لا تتسع لنا -الفصل الاول (الكاتبة علا ابراهيم)

تعرف أنه لا يبادلها نفس المشاعر…

ولا حتى يراها.

فمنذ وفاة والدها، وعندما لجأت إلى خالته السيدة روما ، صُدمت بما سمعته.

قالت لها تلك المرأة، الاكبر من فاروق بسنوات قليلة لكنها خالته، وبصراحة شديدة : - “تشتغلي خدامة... يا إما ملكيش شغل عندنا.”

حاولت أروى أن تقنعها بأن تعمل سكرتيرة... أي شيء غير الخادمة حتى لو اعتبارا لوالدها الذى كان حارس شخصى للعائلة.

لكن خالته روما رفضت بشدة، وأصرت أن تعمل خادمة فقط.

استسلمت أروى للأمر.

لكنها، رغم كل شيء، كانت خادمة "خاصة".

لم تذلّ نفسها أبدًا، كانت صامتة، متحفظة، نظيفة.

وحين رأت فاروق مجددًا بعد كل هذه السنوات، لم يكن طفلًا…

كان شابًا وسيماً للغاية، جذابًا، ولعوبًا أيضًا.

لكنه ما زال كما هو... طفل صغير، بعقلٍ متمرد وقلب لا يستقر.

كان يتذمّر كثيرًا، يدخل في علاقات متعدّدة، لا يحب أن يُقيَّد.

بارد، لا يبالي، لكن ما أحيانًا... يبدو كطفل حزين بعد نوبة غضب داخلية.

تتذكر جيدًا…

في أحد الأيام، أمرتها روما بأن تحضر له كوب عصير وتصعد له ترددت اروى كثيرا فى ذلك الوقت خاصة أنها لم تتعامل معه وتحتك به ابدا هى متحفظة كثيرا معه منذ أن رأت طباعة حتى أنه لم يراها منذ أن اتت ليس خوفا منه أو أن يوذيها لكن تجنبا لكل شئ صعدت اخيرا و دخلت عليه تحمل كوب عصير، فوجدته نائمًا، عاري الصدر، والغرفة فوضى كاملة.

كان غارقًا في النوم، كأنه أُنهِك من ثورة غضب.

وبينما بدأ يفتح عينيه ببطء، نظر لها، وعدّل من جلسته بتذمّر وألم في ظهره.

خرجت هي بسرعة.

لكن حركتها السريعة جذبته، ولفتت انتباهه.

هو ليس معتادًا على رؤية فتيات بكل هذا الحياء.

- “استني!”

ناداها، ثم تابع باستغراب:

- “إنتي مين؟”

قالت بصوت حزين وعيونها أرضآ:

- “أنا الخدامة الجديدة... خالتك روما شغلتني كده.”

- “اسمها مدام روما مش خالتك !”

قالها بعصبية، ولم يهتم بعينيها الحزينة.

التى نظرت إليه بصدمة، ليكمل بلا مبالاة وهو يمسك راسة بين يدية، وكأنه تذكّر مزاجه السيئ:

- "اطلعي حضّري الفطار، يلا." كانت نبرتة عادية ليست عاليه الصوت فمن طبعة الهدوء لكن نبرة مستفزة ومتجاهلة أكثر منها صارخة كانة يذكرها بأنها خادمة بالفعل

خرجت أروى دون أن تنطق بكلمة.

دخلت المطبخ، وبكت. نعم، بكت.

هي حساسة جدًا، وقلبها لا يتحمّل القسوة.

لم ترد أن تبكي امامة ، لكنها شعرت بالإهانة.

لماذا صرخ في وجهها؟

لماذا عاملها وكأنها أقل من خادمة؟

لقد أحزنها... لأنه "هو"، ولأنها ما زالت تكنّ له مشاعر رغم كل شيء.

خرجت من شرودها على صوت خبطات بالخارج.

أسرعت بالخروج... لتتفاجأ.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

0

مقالات مشابة
-