حين التقت العيون في مكتبة الجامعة

حين التقت العيون في مكتبة الجامعة

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

لفصل الأول: بداية غير متوقعة

image about حين التقت العيون في مكتبة الجامعة

كانت قاعة المكتبة في ظهيرة شتوية هادئة شبه فارغة. معظم الطلبة انشغلوا بالتحضير للامتحانات القادمة، لكن أحمد، الطالب في قسم الأدب الإنجليزي، جاء ليبحث عن كتاب في النقد الأدبي كان يعتقد أن لا أحد يهتم به سواه. وبينما يسير بين رفوف الكتب المزدحمة، لمح فتاة ترتدي وشاحًا أزرق داكن، تجلس بهدوء قرب النافذة، وقد غاصت في صفحات كتاب سميك.

لم يكن في الأمر ما يلفت الانتباه كثيرًا، لكن طريقة تركيزها، وكيف كانت ترفع عينيها أحيانًا للتفكير ثم تعود للقراءة، أثارت فضوله. حاول أن يبعد نظره عنها، لكنه لم يستطع أن يمنع نفسه من التساؤل: من تكون؟

الفصل الثاني: التعارف الأول

بعد دقائق من التردد، وجد أحمد نفسه مضطرًا للاقتراب من الطاولة نفسها، فقد كان الكتاب الذي يبحث عنه موضوعًا على الرف القريب منها. وعندما مد يده ليتناول الكتاب، رفعت الفتاة عينيها فجأة وقالت بابتسامة خفيفة:

– تبحث عن كتاب "مدخل إلى النقد الحديث"؟

تفاجأ أحمد للحظة قبل أن يجيب:

– نعم… كيف عرفتِ؟

– لأنك نظرت مرتين إلى العنوان وترددت قبل أن تمد يدك.

ضحك كلاهما بخفة، وبدأ الحديث يتدحرج بشكل طبيعي. عرّفت نفسها باسم سلمى، طالبة في قسم الفلسفة. كانت تكتب بحثًا عن العلاقة بين الأدب والفكر الفلسفي. ومنذ تلك اللحظة، بدا أن بينهما أرضية مشتركة أكثر مما توقعا.

الفصل الثالث: حديث متواصل

أصبح لقاؤهما في المكتبة عادة غير مقصودة. كل واحد كان يأتي بدافع الدراسة، لكن وجود الآخر جعل الأجواء مختلفة. جلساتهما الطويلة بين الكتب تحولت إلى نقاشات عميقة عن الحياة، عن المستقبل، عن الأحلام التي لم يجرؤا على قولها لأحد آخر.

أحمد كان يجد نفسه منبهرًا بطريقة سلمى في التعبير. لم تكن تتحدث فقط بعقل، بل بقلب أيضًا. أما سلمى، فقد رأت في أحمد شابًا صادقًا، هادئًا، لكنه يحمل شغفًا خفيًا بالكلمات.

وفي إحدى المرات، عندما هطل المطر بغزارة خارج المكتبة، وجدا نفسيهما محاصرين بالطقس. جلسا قرب النافذة، يراقبان قطرات المطر تنهمر. هناك فقط، أدرك أحمد أن قلبه بدأ يخفق بطريقة مختلفة كلما نظر إلى سلمى.

الفصل الرابع: أول اعتراف غير مباشر

مرت الأيام، وتكاثفت اللقاءات. وفي إحدى الأمسيات، خرجا معًا من المكتبة بعدما أُغلقت الأبواب. كانت السماء ملبدة بالغيوم، والريح باردة، فسار أحمد بجانب سلمى محاولًا أن يبدو عاديًا. لكنه فجأة قال:

– تعرفين يا سلمى، بعض الكتب مثل بعض الأشخاص، كلما قرأتها أكثر، اكتشفت جوانب جديدة فيها.

ابتسمت سلمى، وفهمت قصده دون أن يصرّح. لم ترد بكلمة، لكنها نظرت إليه نظرة طويلة جعلته يتأكد أن مشاعره لم تعد سرًا.

الفصل الخامس: الصراع الداخلي

رغم المشاعر التي بدأت تنمو بينهما، لم يكن الطريق سهلًا. سلمى كانت تخشى أن يشتت الحب تركيزها عن دراستها، خاصة وأنها تحلم بإكمال الماجستير في الخارج. أما أحمد، فكان يخشى أن يبوح بمشاعره بشكل صريح فيفقد صداقتها. كان يعيش صراعًا داخليًا: هل يظل صامتًا ويكتفي بالقرب منها، أم يغامر ويعترف؟

الفصل السادس: لحظة حاسمة

في أحد الأيام، جلسا معًا على درج الكلية بعد محاضرة طويلة. الجو كان دافئًا والشمس تغرب ببطء. قال أحمد بصوت متردد:

– سلمى، أتعلمين ما المشكلة في القرارات الكبيرة؟ أنها تحتاج شجاعة أكثر من التفكير.

– وماذا تقصد؟

– أقصد أنني تعبت من التفكير… أريد أن أكون صريحًا.

نظر إليها مباشرة وأضاف:

– أحبك.

سكتت سلمى لوهلة، كأنها تحاول استيعاب الكلمات. ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت:

– كنت أنتظر أن تقولها منذ زمن.

الفصل السابع: تحديات الطريق

بدأت علاقة أحمد وسلمى رسميًا، لكن التحديات لم تختفِ. كان على كل منهما أن يوازن بين الدراسة والمشاعر. أحيانًا يختلفان حول أمور صغيرة، وأحيانًا يخافان من المستقبل المجهول. ومع ذلك، كان كل خلاف ينتهي بضحكة أو اعتذار صادق.

كانا يعلمان أن الحب ليس مجرد لحظات جميلة، بل مسؤولية ورغبة مشتركة في الاستمرار رغم الصعوبات.

الفصل الثامن: قرار الفراق المؤقت

مع اقتراب التخرج، حصلت سلمى على منحة لإكمال دراستها في الخارج. كان الخبر سعيدًا وحزينًا في الوقت نفسه. فهي تحقق حلمها، لكن المسافة ستفصلها عن أحمد.

في يوم وداعها بالمطار، وقف أحمد صامتًا، يحاول أن يخفي دموعه. قالت سلمى وهي تمسك بيده:

– أحمد، الحب الحقيقي لا يعرف المسافة. إذا كُتب لنا أن نكمل معًا، فسنلتقي مهما طال الغياب.

الفصل التاسع: رسائل الغياب

مرت الشهور، وأصبح البريد الإلكتروني والجلسات القصيرة عبر الإنترنت جسر تواصلهما. كانت الرسائل تمتلئ بالحنين، لكنها أيضًا مليئة بالدعم. كل واحد منهما شجّع الآخر على متابعة حلمه، كأن الحب تحول إلى قوة تمنحهما الطاقة بدلًا من أن يعطلهما.

الفصل العاشر: اللقاء مجددًا

بعد سنتين، عادت سلمى لتكمل مشروعها البحثي في الجامعة نفسها. وفي اليوم الأول، دخلت المكتبة لتجد أحمد جالسًا على الطاولة نفسها حيث التقيا أول مرة. لم تكن هناك حاجة للكلمات، فعندما التقت العيون من جديد، أدرك كلاهما أن الحب الذي نجا من المسافة والوقت، يستحق أن يستمر.

الخاتمة

قصة أحمد وسلمى لم تكن مجرد حكاية رومانسية عابرة بين طالبين جامعيين. بل كانت تجربة نمو واكتشاف، تعلم كل منهما من خلالها أن الحب لا يعني فقط المشاعر الجميلة، بل أيضًا الصبر، الاحترام، والقدرة على التضحية. وفي النهاية، أدركا أن لقاءهما الأول في المكتبة لم يكن صدفة، بل بداية لرحلة ستظل محفورة في قلبيهما مهما تغيّرت الأيام.  

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

2

متابعهم

2

مقالات مشابة
-