جريمه بالحي الشعبي
جريمة في الحي الشعبي

كنت قاعد في مكتبي مولع سيجارة بشربها مع صوت فيروز الخارج من الكاسيت.. لحد ما سمعت صوت رنة الموبايل…
أيوة.
فؤاد باشا.. قضية جديدة سعادتك.
خير يا هيثم.. قتل برضه زي قضية أول إمبارح؟.
لا يا باشا.. ده بلاغ اختفاء وتقريبًا مرتبط بالبلاغ اللي اتقدم من أسبوع.
بلاغ اختفاء ابتسام؟.
ايوة سعادتك.. البلاغ المرة دي من نفس المنطقة.. والمختفي واحد اسمه يسري الحناوي.. مراته بتقول إنه اختفى من يومين وماتعرفش عنه حاجة.. وتحرياتنا بتقول إن في شبهة جنائية في الموضوع.
تمام يا هيثم.. انا جايلك حالًا.
سحبت اخر نفس من السيجارة.. بعدها خدت چاكيت البدلة بتاعي وخرجت من المكتب.. ركبت عربيتي واتحركت على طول.. وأول ما وصلت.. ركنت العربية واضطريت أكمل الباقي مشي.. لأن الشارع كان ضيق ومش هياخد العربية.. لحد ما شوفت هيثم واقف في الشارع قدام بيت من البيوت.. سلمت عليه وبعدين قولتله…
الحكاية كدة مش موضوع واحدة هربت من جوزها.. انا شامم ريحة ورا اختفاء الاتنين دول يا هيثم.
انا كمان حاسس إن في حاجة غلط يا افندم.. تفتكر الاتنين دول هربوا مع بعض؟.
مش شرط.. جايز يكون في حد خطفه لسبب تاني.
حضرتك تقصد تجارة أعضاء؟.
هيبان.. هيبان يا هيثم.. ماتستعجلش الأمور.. قولي قدرت توصل لأي معلومات عنه؟.
اه ياباشا لما عملت تحريات عن يُسري الحنّاوي.. أكتشفت إنه اتخانق خناقة كبيرة مع واحد إسمه عدلي.. والخناقة وصلت لمد الأيد.. ولما دورت أكتر عن الموضوع.. أكتشفت إن عدلي هدد يسري بالقتل قبل ما يختفي بكام ساعة.. وده اللي أكدته مرات يسري لما اتكلمت معاها.
وفين عدلي دلوقتي؟.
مش موجود ياباشا.. بيقولوا إنه نزل اسكندرية يغير جو.
بقى يهدد الراجل بالقتل وينزل يغير جو.. عدلي ده لازم يكون قدامي في اسرع وقت يا هيثم.. انا متاكد ان وراه مصيبة كبيرة.. مش بعيد يكون فعلًا نفذ تهديده وقتله.. نسّق مع اقسام الشرطة اللي في اسكندرية.. وحاول تبعتلهم صورة لعدلي.. وابقى بلغني الأخبار أول بأول.. اه وعايز سجل مكالمات الاتنين دول.. ابتسام ويسري.
أوامرك ياباشا.
طب تمام.. روح اعمل أنتَ اللي قولتلك عليه.. وانا هدخل اتكلم مع مرات يسري يمكن اطلع منها بحاجة جديدة.. هو بيته فين صحيح؟.
ده بيته سعادتك.
شاورلي على بيت جنبنا.. بعدها سيبته ومشيت ناحية البيت.. لحد ما بقيت قدام الباب.. خبطت وبعد دقيقة خرجت ست في التلاتينات.. كان باين عليها الزعل.. بصتلي باستغراب فسألتها…
أنتِ مرات يسري؟.
---
أيوة يابيه.
أنا محتاج أسألك كام سؤال عشان أقدر اوصل ليسري... أو اعرف حصله ايه.
أتفضل يابيه.
دخلتني جوة وبعد ما قعدت على الكنبة قولتلها…
انا مقدر اللي انتِ في طبعًا.. بس لازم تحكيلي ايه اللي حصل؟.
ماعرفش يابيه.. هو فجأة خرج من البيت ومارجعش.
انا سمعت إن جوزك قبل ما يختفي إتخانق خناقة كبيرة مع واحد إسمه عدلي.. الكلام ده حقيقي؟.
أيوة يافندم.
طب تعرفي كان ايه سبب الخناقة؟.
من كام يوم يسري دخل عليا ووشه وارم وزي ما يكون واكل علقة موت.. اتخضيت عليه وسألته ايه اللي حصل؟.. زعق فيا.. سيبته لحد ماهدي ووقتها بدأ يحكيلي.. قالي إن في تاجر كبير في السوق كان باعته يجيب فلوس من عدلي.. بس عدلي مرضاش يديله حاجة.. لأن على حسب كلامه التاجر ده مالوش فلوس عنده اصلًا.. وكمان عدلي اتهمه بالنصب.. فجوزي عشان كان بيعز التاجر ده.. قام ماسك في خناق عدلي.. وضربوا بعض سعادتك.. انا كنت فاكرة إن الحكاية خلصت.. لكن عدلي ماسكتش.. ولقيناه باعت مرسال ليسري بيهدده إنه هيقتله.. وتاني يوم يسري خرج ومارجعش يا باشا.
طب يا يسري ماقالكيش مين التاجر اللي بعته ياخد فلوس من عدلي؟.
لا ماقالش يابيه.. مع إني سألته بس مارضاش يقولي حاجة.. يسري ماكنش بيحب يتكلم عن شُغله.. ولما كان بيتكلم كان بيقول اللي هو عايزني اعرفه بس.. مش كل حاجة يعني.
هو جوزك بيشتغل ايه؟.
بيشتغل اي حاجة تحيب فلوس يابيه.
يعني ايه أي حاجة تجيب فلوس؟.. مخدرات مثلًا.
لا يا بيه.. يسري كان بيخاف ربنا وبيصرف علينا بالحلال.. انا اقصد إنه كان على باب الله.. أي مصلحة بتقابله بينزل يشتغلها.. نقاش.. حداد.. اهو أي حاجة المهم يجيب قرش.
اه تمام.. طب كلميني شوية بقى عن يُسري.. مين أصحابه.. علاقته بكِ كان شكلها عامل إزاي؟.
يسري تقريبًا ماكنش له أصحاب.. هم على قد قعدة القهوة وشكرًا.. وعلاقته بأغلب الناس كانت علاقة شغل مش أكتر.
طب مين آخر حد كان معاه؟.
ماعرفش يابيه.
اومال يوم اختفائه ايه اللي حصل؟.
ليلتها سعادتك.. أنا كنت نايمة بس بعد آذان الفجر بشوية كدة.. سمعت الباب بيخبط.. صحيت يسري عشان يشوف مين.. فقام من جنبي وراح فتح الباب.. ووقتها سمعته بيتكلم مع وواحد.. لكن الصوت ماكنش واضح.. فماعرفتش قاله ايه.. بس بعدها الباب اتقفل ويسري مارجعش تاني.
طب ماقدرتيش تعرفي مين الشخص اللي جاله وخده معاه؟.
لا يا بيه.. انا كنت نايمة زي ما قولتل لسعادتك.. ولما يسري راح يفتح ماهتمتش اقوم وراه.. بس لو اعرف إن ده اللي هيحصل كنت قومت.
طب قوليلي.. علاقتك بيسري كانت عاملة إزاي؟.
أنا أول ما اتجوزت يسري حياتنا كانت ماشية كويس اوي.. وفضلت كده سنين وسنين.. لحد آخر فترة.. بدأ يتغير وخناقتنا زادت.. مع إنه الفترة الأخيرة كان معاه فلوس أكتر من العادي.
يعني ايه معاه فلوس أكتر من العادي؟.
حسيت كدة يا بيه الفترة الأخيرة.. إن القرش بان عليه.. وبقى بيهتم بنفسه أكتر من الأول.. حتى كانت بتيجي عليه أوقات مابيصحاش بدري زي العادة.. ولما كنت بسأله مابتروحتش الشغل ليه؟.. كان يقولي الشغل بقى بالليل.. طبعًا يابيه انا ماكنتش فاهمة شغل ايه اللي بالليل.. بس هو ماكنش بيقول غير اللي هو عايزه زي ما قولت لسعادتك.
يعني انتِ ماعرفتيش كان بيروح فين بالليل؟.
خالص يابيه.. اهو كان بيقول شغل.. بس الحقيقة ايه؟.. الله أعلم.
تمام.. انا هسيبك دلوقتي بس هنتكلم تاني قريب.
انا تحت أمرك في أي وقت يا بيه.
قومت وقفت ومشيت ناحية الباب ب ساعتها قالتلي والدموع في عينيها…
لأجل حبيبك النبي ترجعلي جوزي يا بيه.. يكش حتى ترجعهولي عضم وادفنه بايده.. بس ابقى عارفه مدفون فين.
ماتقلقيش.. ان شاء الله هرجعهولك حي.
سيبتها وخرجت.. وفي الطريق كنت بفكر في كلامها واللي أكدلي شكوكي أكتر.. ان في رابط بين حالتين الاختفاء دول.. بس لازم يكون في دليل قاطع على اللي في دماغي.. محتاج معلومات أكتر عن ابتسام ويسري.. كلمت هيثم وطلبت منّه يجيبلي تفريغ الكاميرات اللي على أول الشارع.. بعدها دخلت المكتب وقعدت مستني.. مستني أي جديد في القضية يوصلني ليسري أو لإبتسام.. وعدت ساعات لحد ما تليفوني رن.. رديت بسرعة…
ايوة يا هيثم.. وصلت لحاجة؟.
اه يافندم.. من شوية جاتلي إشارة بتحديد مكان عدلي وخلال دقايق هيتم القبض عليه.
عظيم أوي.. تابع معايا أول بأول.
حاضر يا أفندم.
وفين تفريغ الكاميرات اللي طلبته منك؟.
في اسرع وقت هيكون قدام سيادتك.
شكرًا يا هيثم.
قفلت معاه.. وولعت سيجارة وأنا ماسك ملف القضية.. سحبت نفس منها ونفخته في الهوا.. بعدها نزلت عيني على الملف وبدأت أقرأه بتمعن.. كان عندي شك إن لسه في حاجات ماظهرتش.. وبعد قرأه دامت لأكثر من ساعتين.. ماقدرتش أوصل لأي جديد.. ومر اليوم لحد ما الساعة وصلت ١٠ بالليل.. طلبت كوباية قهوة عشان حسيت إن دماغي بدأت تتقل.. بعدها رجعت بضهري وسندت تاني على كرسي المكتب.. عيني كانت بتقفل لوحدها.. حاولت اقاوم النوم والتعب.. لكن ماقدرتش أقاوم.. لدرجة إن عيني رجعت تقفل لوحدها.. فقومت روحت حتى قبل ما القهوة تيجي.. ولما رجعت البيت غيرت هدومي واترميت على السرير.
تاني يوم كنت قاعد في المكتب لما لقيت الباب بيخبط وبعدها دخل هيثم.. قعد قدامي وقاليخليت العسكري يدخله الحجز.. وبعت جيبت السماك.. وأول ما قعد قدامي.. بصيتله شوية قبل ما أقوله:
قولي يا سماك.. أنتَ ليه بعت يسري يطالب بالفلوس اللي لك عند عدلي ومابعتش مرزوق مع إنه دراعك اليمين؟.
عادي يعني ياباشا.. مرزوق ويسري كانوا عندي واحد.. وثقتي في يسري زي ثقتي في مرزوق بالظبط.. مع إن يسري كان بيتشغل شغلانه تانية بعيد عن كارنا خالص.
يعني انت ماكنتش عارف إن يسري لو راح لعدلي هيتخانق معاه؟.
وانا هعرف منين سعادتك؟.
أصل وصلني اخبار إنهم شدوا مع بعض قبل كده.
دي حاجة قديمة وراحت لحالها يا باشا.
طب ليه بعت مرزوق يجيب يسري الساعة أربعة الفجر؟.
ماكنتش اقدر اسيبه ياباشا.. خوفت عليه بعد ما عرفت إن عدلي هدده بالقتل.. الواد مالوش حد غيري.. عشان كدة بعت اجيبه واحميه.
ولما جالك حصل ايه؟.
قعدنا وشربنا الشاي.. بعدها اديته ألفين جنيه وقولتله يشوفله أي حتة يدارى فيها.. ومايعرفش حد طريقه ولا حتى أنا.. قولتله يكن شوية لحد ما اخلص الحوار مع عدلي وبعدها انا اللي هتصل به.
يعني انت ماتعرفش راح فين؟.
وحياة ابتسام مراتي اللي بدعي ربنا يعترني فيه ما يعرف يا باشا.. بس جايز يكونوا رجالة عدلي وصلوله.. قبل ما يمشي من المنطقة.
ماكنش في أي دليل ضده.. وفي نفس الوقت كلامه منطقي.. بصراحة كنت محتار.. شاكك فيه وفي نفس الوقت مش قادر اكدبه.. عشان كدة قررت اتكلم معاه عن ابتسام مراته مرة تانية.. فقولتله…
قولي يا سماك.. انت اخر مرّة شوفت مراتك امتى؟.
قبل ما تختفي بحوالي خمس ست ساعات يا باشا.. عملتلي الفطار.. فكلت ونزلت الشغل.. ولما رجعت مالقتهاش.
طب دورت عند أهلها.. أصحابها.. حد الجيران؟.
دورت يا باشا.. حتى روحت التُرب قولت يمكن تكون بايتة عند ابوها.. مع إن عمرها ما عملتها.. وبرضه مالقتهاش.. ماكنش قدامي حل غير إني أبلغ.
انت متجوز إبتسام بقالك قد ايه؟.
سنتين بس ياباشا.. اتجوزتها بعد ما مراتي ماتت.. لقيتها ست مُطلقة ومش معاها عيال.. وكانت مناسبة ليا.
ماكنش في أي خلافات بينكوا الفترة الأخيرة؟.
لا يا باشا إحنا كُنّا زي السمن على العسل.
اتنهدت قبل ما اقوله…
ماشي يا سماك.. انت هتقعد معانا يومين كدة لحد ما نشوف اخر الحكاية دي.
طب وانا مالي يا باشا.. يعني ده جزائي إني قولت احمي يسري من عدلي؟!.
معلش كمل جميلك للأخر لحد ما نجيب حق الراجل اللي انت كنت عايز تحميه.
خده العسكري على الحجز.. وانا رجعت بضهري وبدأت افكر في كلام السماك.. الموضوع اتعقد اكتر.. لحد دلوقتي مافيش أي دليل في أيدي يدين أي حد فيهم.. بس بقى عندي إحساس قوي إن القضيتين مرتبطين ببعض.. ومايل أكتر لفكرة إن السماك ورا إختفاء الاتنين.. بس ايه السبب اللي ممكن يخليه يعمل كدة؟.. خيانة؟.. ممكن.. لكن بعيدة برضه.. ليه واحدة متجوزة السماك هتبص لصبي من صبيانه؟!.. اومال ايه السبب؟.. جايز يكون يسري عرف حاجة ماكنش لازم يعرفها؟.. سبب برضه.. بس ايه علاقة ابتسام بالموضوع؟.. ممكن تكون الحاجة دي تخص ابتسام؟.. كل شئ وارد.. دماغي عمالة تودي وتجيب.. اسئلة كتير مالهاش إجابات محددة.. بس ف يشخص واحد يقدر يجاوب على اسئلة منها.. محمود.. جار السمااك وصديق مقرب له.. أكيد عنده إجابات لبعض الأسئلة دي.. عشان كدة بعت جيبته.. كان فاكر إني باعت اجيبه عشان امشيه.. واتصدم لما لقاني بقوله…
تعرف ايه عن السَمّاك ومراته؟.
والله ياباشا الريس حاتم راجل طيب.. وعمره ما زعل حد منّه.. حتى المنطقة كلها بتحبه.
طب وابتسام؟.
أنا معرفش عن الست إبتسام حاجة.
ماتعرفش عنها حاجة إزاي.. انت مش صاحب السماك وجيران؟.
انا صاحبه وجيران اه ياباشا.. بس ماحصلش بينا إختلاط قبل كده.. هو يا دوب سلامواعليكوا عليكوا السلام.
طب قولي.. ماكنش في أي خلافات الفترة الأخيرة بين السماك وابتسام؟.. يعني صوتهم علي على بعض مثلًا.. هددها بالقتل؟.. حاجة زي كده يعني؟.
حسيته اتوتر ووشه أحمر ورجله بدأت تتهز.. لكن حاول يتماسك ويخفي توتره.. فأبتسمت في وشه عشان أشيل عنّه التوتر ويعرف يتكلم وقولتله…
ماردتش على سؤالي؟.
ها.. أيوة ياباشا الفترة الأخيرة كان في بينهم خلافات كتير.. وصلت إن السماك في مرة مد أيده عليها.. وكان أول مرة يعمل كده.
ومد ايه عليها ليه؟.
اصلها عايرته ياباشا.. حاكم إنه مابيخلفش يعني.
وانت عرفت الكلام ده منين؟.
اقولك يا باشا.. في مرة من المرات وهم بيتخانقوا صوتهم كان عالي.. ومسمع الحارة كلها.. يومها ضربها علقة موت وهي حاولت تجري منّه في الشارع.. بس سحبها من شعرها في وسط الشارع ودخلها البيت وكمل عليها.. وتقريبًا والله اعلم الموضوع ده عملّه عقدة نفسية.. اصل من بعدها السماك مابقاش هو.. كنت أول مرة أشوفه فيها بالشكل ده.
بالشكل ده يعني ايه؟.
تحسه كدة اتكسر يا باشا.. وبعد ما كان بيمشي في االحارة الكل يهابه.. بقى يختشي يمشي في وسط الناس.. زي ما تقول كدة سعادتك ماعدتش بيقدر يبص في عين حد.
تمام يا محمود.
رجعته الحجز تاني.. لكن بعدها بساعة لقيت هيثم داخل المكتب ومعاه ملف وبيقولي…
تقرير شركة الاتصالات وصل من شوية سعادتك.
خدت الملف منه وبدأت اقرأ التقرير.. لحد ما عيني جات على حاجة مُعينة رفعت حاجبي وانا بقول…
في تواصل مباشر بينهم!.
أيوه يا فندم.. حصلت ٣ مكالمات بين الرقمين قبل اختفاء ابتسام بأيام.. واخر ٤٨ ساعة قبل ما ابتسام تختفي.. حصلت مكالمة رابعة بينها وبين يسري.. المكالمة ماكملتش ثواني معدودة.. أما بقى بخصوص يسري نفسه.. فاخر مكالمة حصلت قبل ما يختفي وموبايله يتقفل كانت مع السَمّاك.
كدة إحساسي صح.. ابتسام ويسري كانوا على علاقة ببعض.. والسماك اكتشف العلاقة دي وقرر يخلص منهم.. فاستغل المشاكل اللي بين يسري وعدلي ومحمود.. عشان ينفذ جريمته ويبعد عنه الشبهة.. انا محتاج افتش بيت السماك ومتأكد إننا هنلاقي حاجة هناك.
---
خدت السماك معايا وروحنا على البيت عنده ومعانا قوة من المباحث.. لكن أول ما وصلنا.. لاحظت ان البلاط اللي على الأرض متركب جديد.. ومش متثبت كويس.. شديت السرير عشان أكشتف أن في كمية ملح كبيرة جدًا محطوطة تحته.. وفي ريحة بشعة خارجة منّه.. خرجت برة الشقة لأن الريحة كانت لا تطاق.. أشبه بريحة العفن.. طلبت الطب الشرعي والجنائي ييجوا فورًا.. لأني كنت متأكد إن هلاقي جثة ابتسام يسري هنا.. وأمرت العساكر تحفر الأرض وبعد عشر دقايق.. سمعت صوت العسكري من جوة بيقوليا باشا.. لقينا حاجة.
دخلت بسرعة ولقيتهم شايلين جثتين من تحت البلاط.. واحدة ست والتانية راجل.. الجثث كانت متحللة بشكل كبير.. بس ملامحهم لسه واضحة شوية.. بصيت للسماك اللي كان واقف ورايا.. لقيته مطلع عينه في الأرض وجسمه بيرتعش.. مسكت دراعه بقوة وقولتله…
انت عملت كده ليه يا سماك؟
السماك سكت شوية.. بعدها رفع راسه وبص في عيني.. عينيه كانت حمرا ودموعه نزلت على خدوده.. اتنهد بعمق وقال…
عشان خانوني يا باشا.. خانوني في بيتي.. تحت سقف بيتي.
كنت بتشك فيهم امتى؟
من فترة يا باشا.. لاحظت إن ابتسام بقت مختلفة.. بتهتم بنفسها زيادة عن اللزوم.. وساعات كنت بلاقيها بتضحك وهي ماسكة الموبايل.. ولما كنت بقرب منها كانت بتقفله بسرعة.. في الأول فكرت إني بتخيل.. قولت يمكن انا اللي غلطان.. بس بعدين بدأت الشكوك تزيد.. لحد يوم ما سمعتها بتكلم حد في الموبايل وصوتها كان مختلف.. صوت ست بتكلم حبيبها مش جوزها.
وبعدين؟
تعقبت الرقم اللي كانت بتكلمه.. ولقيته رقم يسري.. يسري اللي كنت بثق فيه زي ابني.. يسري اللي كنت بعامله زي ما يكون اخويا الصغير.. لقيته بياخدني من ورايا.. بيدخل بيتي.. بياكل من أكلي.. وفي نفس الوقت بينيك في مراتي.
طب وبعد ما عرفت.. ليه ماواجهتهمش؟.. ليه قتلتهم؟
كنت عايز اواجههم ياباشا.. والله كنت عايز.. بس كل ما افتكر إن الحارة كلها هتعرف.. إن الناس هتبص لي وتضحك عليا.. إني هبقى الراجل اللي اتخان في بيته.. ماقدرتش.. ماقدرتش استحمل الفضيحة دي.. كرامتي ماكنتش هتسمحلي.
فقررت تقتلهم وتدفنهم في بيتك؟
أيوة يا باشا.. استدرجت ابتسام الأول.. قولتلها إني عايز اتكلم معاها في موضوع مهم.. ولما جت البيت.. مسكتها وخنقتها لحد ما ماتت.. بعدها بيومين.. بعتت مرزوق يجيبلي يسري الفجر.. قولتله إني عايز احميه من عدلي.. ولما جه.. سقيته شاي مسموم.. وبعد ما مات دفنته جنب ابتسام.
وفكرت إنك هتعرف تهرب من كده؟
كنت فاكر ياباشا.. كنت فاكر إن محدش هيعرف.. بس الظاهر إن ربنا مش هيسيبني.. وانا مستاهل اللي هيحصلي.
سكت شوية وانا بصيتله.. كان منهار تمامًا.. راجل اتكسر جواه حاجة وقرر ياخد حقه بأيده.. بس نسي إن القتل مش حل.. نسي إن الدم مابيتغسلش بالدم.. اتنهدت وقولتله…
كان ممكن تطلقها.. كان ممكن تبلغ.. كان ممكن تعمل أي حاجة غير القتل.
كنت عامل إيه يا باشا لو كنت مكاني؟
كنت هاخد حقي بالقانون.. مش بأيدي.
ماردش.. بس عرفت من عينيه إنه نادم.. نادم إنه وصل للحتة دي.. نادم إنه سمح لغضبه يتحكم فيه.. أمرت العساكر ياخدوه.. وقبل ما يمشي.. التفت لي وقال…
سامحني يا باشا.
ماردتش عليه.. سيبته يمشي.. وفضلت واقف مكاني بتطلع على الجثتين.. قضية تانية اتحلت.. بس السؤال اللي فضل في دماغي.. هل الغيرة تبرر القتل؟.. هل الخيانة تدي الحق لحد إنه ياخد روح؟
رجعت المكتب.. قعدت على مكتبي.. ولعت سيجارة.. سحبت نفس عميق منها.. الدخان طلع ببطء.. وصوت فيروز رجع يملا المكان.. قفلت عيني شوية.. وفكرت في السماك.. في ابتسام.. في يسري.. كلهم ضحايا.. ضحايا الغيرة.. ضحايا الخيانة.. ضحايا القرارات الغلط.
فتحت عيني تاني.. خدت اخر نفس من السيجارة.. وطفيتها في الطفاية.. بصيت لملف القضية قدامي.. وقولت لنفسي…
قضية تانية انتهت.. بس الحكاية لسه مش خلصت.. لسه في قضايا تانية.. ولسه في ناس تانية محتاجة العدالة توصلهم.
قومت.. لبست الجاكت.. وخرجت من المكتب.. الليل كان نازل.. والشوارع كانت هادية.. مشيت شوية.. وانا حاسس بثقل الشغل ده.. بس في نفس الوقت.. حاسس إني بعمل حاجة صح.. إني بوصل الحق لأصحابه.. حتى لو الطريق صعب.. حتى لو الحقيقة مُرّه