ظِلّ الغيرة: اعترافات طبيبة نفسية دمّرت أقرب صديقة لها
ظِلّ الغيرة: اعترافات طبيبة نفسية دمّرت أقرب صديقة لها

امبارح جالي خبر فوق الجميل بشوية وأنا قاعدة في العيادة بتاعتي بشتغل، صاحبة عمري كارمن خطوبتها بكرة، واللي خلاني اتفاجئ بجد إنها هتتخطب للمهندس كريم زميلنا أيام المدرسة الانترناشونال واللي سافر ألمانيا من كام سنة، وفي النهاية راجع يخطب كارمن صاحبتي اللي كانت طايرة من الفرحة حقيقي، وليه متفرحش وهي بعد الجواز بكام شهر بس هتروح معاه على ألمانيا وتكمل باقي حياتها هناك بعيد عن أي حاجة..
طلبت مني وقتها أخلص شغل في العيادة بتاعتي ونتقابل على أي كافيه نحتفل بالمناسبة السعيدة دي، وطبعًا وافقت بدون ما أفكر، كانت معايا آخر حالة بتابع معاها، كانت ست عندها وسواس إن جوزها بيخونها أو هيخونها في القريب العاجل، والحقيقة إن كل ده للأسف بسبب خيانات متكررة من أبوها لأمها زمان، وكل ده ربى جواها كمية عُقد نفسية كبيرة وبقت متأكدة إن أي راجل لازم وحتمًا ولابد هيخون مراته..
طبعًا اتبعت معاها نظام علاج طويل شوية يزود ثقتها في نفسها ويخليها تتخطى العُقد النفسية القديمة دي، خلصت معاها الجلسة وطلعت على الكافيه عشان أقابل كارمن ونحتفل بالخبر السعيد ده..
قابلتها وبدأت ألومها إنها مقالتش إنها بتكلم كريم وإني معرفش أي حاجة من الكلام ده، قالتلي إنه كلمها من يومين بس وقال إنه راجع مصر، وانهاردة قال إنه جاي يتقدم، باركتلها الموضوع وبدأنا نحكي ونتكلم، حكتلها عن المريضة اللي عندي اللي عندها وسواس إن جوزها بيخونها أو هيخونها، واعتقادها إن كل الرجالة خاينين..
بدأت تضحك عليا كعادتها وتقولي كله بسبب عنادك إنك تكوني طبيبة نفسية مع إن التخصصات كتير، وشكلك مش هتتجوزي لأن الرجالة هيخافوا منك ومن أفكارك، ضحكت على كلامها وقولتلها إني بكرة أتجوز واحد سايكو ونق.تل المرضى بتوع العيادة..
وعدت الليلة وفعلًا جه المهندس كريم واتقدم لكارمن وكمل الموضوع بطريقة سلسة وجميلة جدًا، ويمكن الأجمل إن الموضوع كان هيتم بسرعة واتفقوا على الجواز خلال شهرين بس، وبدأت أجهز معاها حاجة الفرح ونحجز القاعة ونفرش الشقة اللي كانت على النيل وحاجة في قمة الفخامة، وفعلًا وبعد شهرين بس اتجوزت كارمن وكريم وكنت أنا أول واحدة بعد الفرح يعزموني في الشقة الجديدة على الغدا بحُكم إني الصديقة الأقرب لكارمن، وزميلة قديمة لكريم..
واستمر الحال يمكن تلت شهور كمان وأنا مندمجة مع الشغل بتاعي ومازالت الست إياها عندها وسواس إن جوزها بيخونها أو هيخونها، بل وكل شوية عقلها يخترع حاجة وتروح تختبر جوزها وتعمل أكاونتات فيك، تحس إنها غصب عايزة تثبت إن جوزها خاين عشان ترتاح من جواها، رغم إن الراجل كان بيحبها ومكنش خاين بالفعل..
وفوجئت في يوم باتصال من كارمن، كانت بتبكي وزعلانة جدًا، وعرفت إن حصل خلاف مع جوزها بسبب إنها غيورة وبزيادة، صاحبتي وأنا عارفاها، بدأت أنصحها وأفهمها إن كل ده عادي والراجل بيكره الست الغيورة بزيادة، لقتها طبعًا كعادتها قالتلي أنتي هتتفلسفي عليا وتعملي فيها دكتورة نفسية، طلبت منها نتقابل بس اعتذرت لأنها كانت مكتئبة من الموقف، ولما روحت اتصلت بيها وبدأت أتكلم معاها مرة واتنين عشان الموقف يعدي، وبالفعل الموقف عدى والدنيا بقت تمام..
بس بعد تلت أيام بدأت تسألني عن الست إياها، وعاوزة تعرف أخبارها، وهل جوزها خانها بالفعل ولا لا، استغربت جدًا من سؤالها، وحاولت أجاريها بس كانت بتسأل باهتمام شديد جدًا، وكأنها مش هترتاح إلا لما تعرف اللي حصل مع الست بالظبط، قولتلها إن جوزها مخنهاش ولا حاجة والست عندها اضطراب في شخصيتها ووسواس بنحاول نعالجه ده غير العُقد النفسية اللي عندها..
بس كارمن كذبتني، وقالتلي أكيد خانها مع واحدة تانية، وقتها كان لازم كارمن تجيلي، وتجيلي العيادة لأن حالتها غريبة وبتسوء، خاصة إنها بدأت تشك في جوزها يوم بعد يوم وبطريقة غريبة وتقول إنها متأكدة إنه بيخونها، وهنا أقنعتها بالعافية إنها تيجي العيادة والموضوع هيبقا سر ما بينا..
وفعلًا جتلي وبدأت تقولي إنه متغير معاها، وحاسة إنه كارهها وإنه بيلوم نفسه واتسرع إنه اتجوزها، وبدأت معاها زي أي حالة استكشف الخلل فين وأحاول أعالجه، وكتبتلها على شوية مهدئات، وفعلًا هديت شوية بس المشاكل رجعت تزيد أكتر وأكتر، وحتى هي حالتها كانت بتسوء وكأنها مسحورة أو بتتجنن واحدة واحدة، حاولت معاها بأقصى جُهدي وكلمت كريم أكتر من مرة، بس وقعت المصيبة لما كريم جاب أخره منها ومن أفعالها وتحولاتها وطلقها بالفعل..
يومها حاولت أتواصل معاها، أروحلها البيت، بس كانت مبتنطقش، ومش عاوزة تشوف حد، كانت عندها صدمة عصبية ومش مصدقة أي حاجة، والدتها قالتلي أسيبها انهاردة وأزورها بكرة وفعلًا رجعت البيت، وعلى الساعة 3 بالليل لقيت اتصال من والدتها، ومسافة ما فتحت سمعت صراخ هيستيري ووالدتها بتستنجد بيا وبتقول إن كارمن انتحـ ….ـرت، روحت أجري زي المجنونة وهناك كانت المُصيبة، كارمن قطعت شراييـ …ـن إيديها ونزفت لحد ما ماتت، وجت الشرطة والإسعاف وكانت مُصيبة نزلت على الكل..
فضلت مش مستوعبة اللي حصل طول اليوم لحد ما اتدفنت واتقفل عليها باب القبر، ومقدرتش أروح يومها، مقدرتش إطلاقًا، وعلى المغرب خدت عربيتي وروحت على المقابر، ووقفت قدام القبر بتاعها أبكي وأنا مش مصدقة إني خلاص مش هشوفها تاني خالص..
معرفش ليه بدأت أنادي عليها وأبكي واعتذر، مكنتش عاوزة ده يحصل إطلاقًا، ناديت مرة واتنين والبكاء بيزيد، لحد ما حسيت بحركة غريبة من حوليا، الحركة دي جمدتني مكاني وحسيت إن قلبي هيقف من الرعب، بصيت يمين وشمال بس مكنش فيه أي حاجة، وده لأنها كانت واقفة فوق القبر، كارمن صاحبتي بشحمها ولحمها، وكانت مبتسمة وفرحانة بوجودي، وبدون أي مقدمات جرحت معصم إيديها جرح شديد وبدأ الدم ينزف فوق المقبرة، ومن حنجرتها بدأ يخرج صوت، صوت بينادي عليا وبيقول:
ـ أنتي صاحبتي والدكتورة بتاعتي، وعاوزاكي تعالجيني..
وقتها كنت شوية وهفقد الوعي من الجنان اللي بشوفه، وطلعت أجري، جريت من المقابر كلها وركبت عربيتي وجريت، جريت وأنا أعصابي مُنهارة، وقلبي بيدق بهيستريا، ووسط الرعب ده كله لمحتها، لمحتها في المرايا قاعدة ورايا في كنبة العربية وبتردد نفس الجُملة، ومن صدمتي العربية كلها اتقلبت بيا، وحسيت بكمية ألم وكأن جسمي كله بيتسحق تحت مطرقة من حديد، ووقعت على الأرض أنزف ومش شايفة قدامي غير مشهد واحد، كارمن بتنزف من المعصم وبتضحك وعمالة تردد نفس الجملة:
ـ أنتي صاحبتي والدكتورة بتاعتي، وعاوزاكي تعالجيني..
وخرجت من الحا.دثة دي متدمرة تمامًا، فقرات مكسورة في العمود الفقري، عضم الحوض متكسر، وارتجاج في المُخ، وحصلي بتر في رجلي الشمال، ومع ذلك فضلت كارمن معايا، يوميًا في المستشفى بتطلب مني أعالجها، وحتى لما خرجت من المستشفى دخلت مصحة نفسية، الدكتورة النفسية دخلت تتعالج في المصحة، بس حالتي الصحية يوم بعد يوم كانت بتسوء، بتسوء أوي جسديًا ونفسيًا، ووجود كارمن عمل مشاكل في قلبي ووقف عن النبض أكتر من مرة من كتر الرعب اللي كنت بشوفه..
لحد ما قولت أكفر عن ذنبي، أحكي حكايتي الأخيرة عشان لو حصل ومُت أبقا ريحت ضميري، بحثت على الفيس بوك وكتبت “أحمد محمود شرقاوي” ولقيت صفحته أول صفحة ومعاها الشارة الزرقا، هو ده اللي هيتفهم القصة ويوصلها للناس، وكلمت الكاتب وقولتله، بس قولتله الجزء الناقص من الحكاية..
قولتله إني حسيت بنار يوم ما عرفت إن كريم هيتجوزها، ليه مخترنيش أنا، أنا اللي طول عمري نفسي أدرس الطب النفسي في ألمانيا بالأخص، أنا أجمل منها بجد، وفضلت أتحرق بالنار دي كتير أوي، لحد ما جتلي فكرة المريضة إياها اللي شاكة إن جوزها بيخونها، دي مش حقيقية، بس أنا اخترعت شخصيتها وبقيت بحكي عنها ليل نهار لكارمن..
أنا طبيبة نفسية وعارفة نقاط ضعفها، شككتها في نفسها ليل نهار وفي كل الرجالة، كنت بحطلها حبوب هلوسة يوميًا لما نتقابل في القهوة، دمرت نفسيتها وخلتها تتخيل حاجات، وراسلتها من أكونت فيك وقولتلها إن جوزها بيحبني أنا، مع الحبوب والضغط النفسي البنت انفجرت، وهو متحملش وطلقها..
هو ده بس اللي كنت عاوزاه مش أكتر من كدا والله العظيم، بس هي انتحرت، وجتلي صدمة عصبية، والله ما كنت عاوزاها تمو.ت، كنت بس عاوزاها تطلق مش أكتر، وروحت لقبرها أبكي، وحصلت الحا.دثة، ومن يومها وأنا بشوف المو.ت في كل دقيقة وكل لحظة..
أرجوك وصل رسالتي للناس، وبالأخص للبنات اللي زيي، عرفهم إن الغيرة والحقد ابتلاء عظيم جوانا، لو سلمنا ليه هندوق النار في الدنيا والآخرة، ولازم نحاربه باليقين وإن ربنا مقدر لكل واحد رزقه، وإن مفيش حد بياخد من رزق حد إطلاقًا، ولازم نرضى بأقدار الله ونتمنى للناس الخير، وإلا، وإلا الشيطان هيلعب بينا وهيحصلهم نفس اللي حصلي..
فقد سألوا رسول الله ﷺ عن أفضل الناس، فقال: “كل مخموم القلب صدوق اللسان”.
قالوا: صدوق اللسان نعرفه؛ فما مخموم القلب؟ قال: “التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد”.