لعنة المرايا: حين يتحول الانعكاس إلى كابوس يطاردك حتى الموت
لعنة المرايا

من كام يوم تميت الأربعتاشر سنة، وزي أي بنت كنت حاسة إن في حاجات كتير اتغيرت فيَّ، شكلي، جسمي، وحتى ملامحي، فبالتالي بدأت أقعد أُدام المرايا كتير، يمكن بالساعات ابُص على نفسي واتأمل تفاصيل جسمي، لحد ما في يوم من الأيام حسيت إن في حاجة اتغيرت، والمرادي مش حاجة فيَّ لأ، لكن إحساس.. إحساس غريب حسيته لأول مرّة لما قعدت قدام المرايا، سخونة غريبة، همسات في نص الليل، وأوقات تانية كنت بحس بأيد بتتحرك عليا، قُمت من نومي مفزوعة، ضربات قلبي كانت متسارعة وجسمي متلّج، فضلت استعيذ بالله من الشيطان، بعدها شربت وكملت نوم، في اليوم التاني الوضع بقى أسوأ، كنت راجعة من المدرسة، قلعت هدومي وقبل ما ألبس غيرها، بصيت بطرف عيني عليها.. على المرايا، علشان ألمح انعاكسي، ثابت.. جامد، مبيتحركش، ووشي شاحب، قربت ببطء.. الانعكاس ثابت، معرفش جبت قوة القلب دي منين.. لكن ده كان هدوء ما قبل العاصفة لأن مفيش دقايق وصرخت.. البيت كله أتلم عليا، وأنا.. أنا اغمى عليا مفوقتش غير بعد ساعات معرفش عددهم.
أمي سألتني عن اللي حصل، كدبت عليها.. أكيد مش هتصدقني.. مفيش حد هيصدقني. من بعد اليوم ده الأوضاع رجعت طبيعية لكن مش لوقت طويل، لأني وللأسف رجعت تاني ابُص فيها.. في المرايا، والمرادي كانت غير كل مرّة لأن شوفته.. مسخ، وشه متسـ،لخ وسايح على بعضه، عيونه؟ ممسوحة، وشعرة؟ محروق، ولأول مرة اتكلمت لكن بنبرة كلها وهن:
-انتَ عايز منّي أيه؟
-عايزك.. انتِ ليا.. ليّا وبس.. من يوم ما شُفتك وأنا.. أنا عايزك.. وده يخالف شرعنا وقانوننا وعلشان كده سبت اهلي وعشيرتي علشانك.. مش عايزك تخافي منّي.. انا ممكن اتجسدلك في شكل مثالي.. شكل تحبيه، لأ، تعشقيه.
وفي لمح البصر ملامحة كلها اتغيرت، بقى شاب وسيم ومُهندم.. وابتسامته.. سحرتني، لكني فوقت من تأثير السحر ده بسرعة ورديت عليه:
-ابعد عنّي، اللي انتَ عايزة ده مستحيل يحصل، ده.. ده حرام ويخالف شرعنا وقوانينا.
بعد ما قولت كده، عينيه طلعت نار.. نار أقسم إني حسيت إنها بتاكل في جسمي.. علامات حَمَار كتير ظهرت على جسمي، صرخت، ألم لا يطاق.. حاسة إن جلدي بيدوب، فضلت على الحالة دي وأنا فاقدة قدرتي على الحركة.. أطرافي اتشلت.. لحد ما اختفى وكل حاجة رجعت طبيعية، اترميت على السرير، ومن الوجع مقدرتش أنام، طلعت وحكيت لأمي على كل اللي بيحصلي، مصدقتنيش، أنا كنت متوقعة ده، هيَّ اصلًا مبتحبنيش، وآه في اماهات مش بتحب عيالها وأمي منهم. رجعت اوضتي والمرادي نمت، اتحملت الوجع لكني مكنتش قادرة أتحمل القهر وكسرة القلب.
صحيت من النوم على صراخ أمي، خرجت جري.. شُفتها، واقفة هناك.. في الزاوية ومغمضة عينيها.. وهو.. هو واقف قدامها.. فتحت عينيها، شهقت.. شافته.. جسمها اترعش وقعت على الأرض، وهو مسكها من رقبتها وكسرها.. سمعت صوت طقطقة العضم وهو بيتفتت بين ايديه.
وقعت على الأرض جثة، وأنا.. كنت واقفة مش قادرة اتحرك من الصدمة، بصت له بنظرة كلها كره، وغضب.. استجمعت شجاعتي الباقية، و..قرأت أيه الكرسي.. جسمه ولّع.. بيتحرق، وبيصرخ، لحد ما تلاشى زي الدخان.. جريت على أمي، ورغم كل اللي كانت بتعمله فيا، حزنت عليها، عمري ما كنت أتخيل إني أكون السبب في موتها.
صحيت بابا.. بابا اللي مصدقش ولا كلمة من اللي قولتها.. لكن في نفس الوقت مقتنعش إن واحدة في سنّي تعمل كده. امي اندفنت، وأنا.. أنا بطلت ابُص في المرايا وغطيت اغلبهم بقُماشة سودا. وبعد ما قربت انسى، شُفته تاني، هناك في الزاوية بنفس هيئتة البشعة، والمرادي لفيت وشي وقفلت الأوضة، أنا عارفه إنه لسه معايا ومتحرقش، حاسة به، وبأنفاسة الساخنة، ولمساتة على تفاصيل حساسة في جسمي، ومش عارفه أعمل إيه، فكرت انتحر، وحاولت أكتر من مرة، وفشلت، عايزة حل، عايزة أعيش زي باقي البنات، أنا غلطت.. ومُعترفه، لكن مش غلطة صغيرة زي دي تكلفني حياتي، قولولي أعمل إيه