عنوان القصة: "حين أزهر اللوز في كانون"

عنوان القصة: "حين أزهر اللوز في كانون"

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

قصة حب شيقة 

image about عنوان القصة:

عنوان القصة: "حين أزهر اللوز في كانون"

.في قرية صغيرة تحيط بها التلال الخضراء، كانت "ليلى" تعيش حياة هادئة بين بيت الطين وحديقة جدّها التي تملؤها أشجار اللوز. اعتادت كل صباح أن تفتح النافذة وتستنشق عبير الأزهار البيضاء التي تسبق الربيع بأيام، فكانت تلك الرائحة تُشعرها بالأمان، كأنها وعدٌ من الحياة بأن شيئًا جميلًا قادم.

في ذلك الشتاء، عاد "يوسف" إلى القرية بعد غياب خمس سنوات قضاها في المدينة. كان يعمل هناك مهندسًا، لكنه لم يجد في ضجيج الشوارع ولا في أضواء الأبراج ما يُشبه دفء قريته. وحين وطأت قدماه الطريق الترابي المؤدي إلى بيت أهله، لمح عند حافة الطريق فتاةً ترتدي معطفًا رماديًّا وشالًا أبيض، تجمع اللوز اليابس من الأرض. لم يعرفها في البداية، لكنها حين رفعت رأسها، عرفها على الفور: ليلى، جارته القديمة، تلك الطفلة التي كانت تلاحقه كلما عاد من المدرسة لتطلب منه أن يروي لها "قصة المدينة الكبيرة".

اقترب منها بابتسامةٍ خفيفة، فقالت بدهشةٍ مبهجة:
– يوسف! أحقًا عدت؟
– عدت يا ليلى... يبدو أن اللوز لم يتغير.
ضحكت وهي تشير إلى الشجرة خلفها:
– بل تغيّر كثيرًا، كبر مثلنا تمامًا.

منذ ذلك اليوم، صار يوسف يمرّ من طريق الحديقة كل صباح، بحجة أنه "يتفقد الأرض"، لكن ليلى كانت تعرف أن السبب الحقيقي هو حديثهما القصير تحت شجرة اللوز. كان كلامه يملؤها دفئًا غريبًا، وكأن في صوته موسيقى تُعيد ترتيب الفصول. أما هو، فكان يجد في ضحكتها البسيطة كل ما افتقده في حياة المدينة المعقّدة.

مرت أسابيع، وجاء يوم المهرجان السنوي الذي تحتفل فيه القرية بأزهار اللوز. تزيّنت الطرقات بالفوانيس، وانتشرت رائحة الخبز الطازج والزعتر. كانت ليلى ترتدي ثوبًا أبيض يشبه لون الزهر، بينما وقف يوسف عند طرف الساحة ينظر إليها كأنها الحلم الذي عاد من غيابه الطويل. تقدّم نحوها بخطوات مترددة، وقال بصوتٍ خافتٍ يسمعه قلبها قبل أذنها:
– ليلى... لم أعد أحتمل أن يمرّ يوم دون أن أراك.
ابتسمت بخجل، وارتعشت أصابعها حين مدّ يده إليها، فقالت:
– كنت أخاف أن تقولها، لأنني كنت أشعر بها كل يوم.

في تلك اللحظة، دوّى صوت الأغاني الشعبية، وبدأ الناس يرقصون. لكن العالم بالنسبة لهما توقّف، كأن الزمان انحنى احترامًا لاعترافهما البسيط. نظرت ليلى إلى السماء وقالت:
– أتعلم يا يوسف؟ في كل عام حين يزهر اللوز، كنت أتمنى شيئًا لا أستطيع أن أفسّره... الآن فهمت.
– وماذا كان أمنيتك؟
– أن يعود أحدهم، ويجعل هذا الربيع مختلفًا.

ضحك يوسف وهو يرفع يدها برفقٍ إلى صدره وقال:
– إذن فلنترك اللوز يزهر شاهدًا علينا.

ومنذ ذلك اليوم، صار أهل القرية يرون ليلى ويوسف يسيران معًا كل صباح، يضحكان، يزرعان الأشجار، ويتحدثان عن بيتٍ سيبنيانه عند طرف الحقل.
وحين جاء العام التالي، أزهرت أشجار اللوز بكثافة لم تُرَ من قبل، حتى قال الجدّ العجوز مبتسمًا:
– يبدو أن اللوز يحبّ الحب، فيزهر أكثر حين يجد قلبين نقيّين.

وهكذا، ظلّت قصة ليلى ويوسف تُروى في القرية كلما أطلّ الربيع، كأنها وعدٌ بأن الحب، مثل اللوز، يعرف تمامًا متى يزهر... حتى وإن جاء في منتصف الشتاء

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
hager تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

0

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.