غرفة 17 – العزل التام

غرفة 17 – العزل التام

تقييم 5 من 5.
3 المراجعات

أنفاس تحت الشاش

image about غرفة 17 – العزل التام

دفعت الباب بإيدي، وزي ما صورت بالموبايل، واللي ظاهر قدامكم ده.. ده اللي شوفته بالظبط!! 

سرير في النص، والمكان كله مليان تماثيل صغيرة شبه البشر، ملفوفة بشاش زي المومياوات، منهم اللي قاعد، ومنهم اللي واقع، ومنهم اللي متسند على الحيطة

لكن اللي خلاني أتجمد مكاني، إن الشاش على بعضهم كان بيتحرك خفيف زي نَفَس ضعيف بيخرج من تحت القماش!

***

 آدم الجمال، صحفي في جريدة إلكترونية اسمها صوت الناس.

معظم شغلي بيبقى عن الأماكن المهجورة واللي بتكون الكلام عنها غريبة، يعني كنت متعود أسمع كلام الناس وأقوله في شكل تقرير يشد القُرّاء.

بس المصحة دي كانت حاجة تانية خالص!!.

المصحة دي اتقفلت سنة 1987 بعد ما حصل فيها حادث محدش لحد النهارده عارف تفاصيله، غير إنها اتقفلت فجأة واللي كان فيها مات أو اختفى.

كنت رايح أصور تقرير عنها لوحدي، عشان المصور اللي بيشتغل معايا اعتذر في آخر لحظة.

 أول ما قربت من السور، قلبي بدأ يدق بطريقة غريبة!! 

المبنى من برة مقبض جدًا، وكمان كنت بالليل، مكنش ينفع أدخل غير بالليل.. 

الحيطان متآكلة، والشجر مغطي الشبابيك

دخلت جوه بالعافية من فتحة صغيرة في الباب الجانبي، أول ما رجلي لمست البلاط سمعت صوت زي شهقة مكتومة جاية من الدور التاني!! 

وقفت في مكاني دقيقة كاملة، ماسك الموبايل والضوء راكز على السلم المكسور، أصوات خطوات كتير بتنزل على سلالم طويلة!! كنت حاسس إن في حد فوق بيبص لي..

بس المكان فاضي أصلاً! 

الممرات كلها مليانة ورق، ملفات طبية متقطعة، وأرفف فاضية.

الهدوء يخنق، ومفيش صوت غير نفسي وأنا ماشي.

أنا متعود على كده، مبخافش وبحب المغامرة.. 

لقيت أوضة بابها مفتوح نص فتحة، مكتوب عليها بـ طباشير باهت:

"غرفة 17 – العزل التام".

في الوقت ده صوت جوايا بيقولي إرجع، وصوت تاني عايزني أتقدم.. فضولي قالي افتح الغرفة.. 

دفعت الباب بإيدي، زي ما صورت بالموبايل، واللي ظاهر قدامكم ده.. ده اللي شوفته بالظبط!! 

سرير في النص، والمكان كله مليان تماثيل صغيرة شبه البشر، ملفوفة بشاش زي المومياوات، منهم اللي قاعد، ومنهم اللي واقع، ومنهم اللي متسند على الحيطة

لكن اللي خلاني أتجمد مكاني، إن الشاش على بعضهم كان بيتحرك خفيف زي نَفَس ضعيف بيخرج من تحت القماش!

وقفت مصدوم قلت يمكن هوا، يمكن فار، يمكن أي حاجة.

بس لما قربت بالكشاف، لاحظت إن كل تمثال ليه وش مرسوم بإبرة وخيط، كأن حد خيّط ملامح بشرية على وشوش قماش.

على الحيطة ورا السرير كان مكتوب بخط دم ناشف:

_متصحيهمش هم نايمين في سلام.

صورت كام لقطة بسرعة، وبدأت أرجع لورا، سمعت صوت خفيف جاي من ناحية الباب، زي حد بيهمس وبيقول:

_ تحب تكون منهم؟. 

الموبايل طفى فجأة، النور انقطع، والدنيا بقت سودة تمامًا.

فضلت أتنفس بسرعة وأنا بدور على الباب، بس كل ما أتحرك أحس كأن في حاجة بتزحف جنبي، وصوت أنفاس خفيفة حواليّ من كل اتجاه.

معاه صوت ضحكة ساخرة! 

أول لما النور رجع، لقيت نفسي مرمي على الأرض جنب السرير

وكل التماثيل متجمعة حواليّ، قاعدين بنفس الطريقة اللي كنت أنا فيها، والسرير فاضي

بس في حاجة تحت الملاية كانت بتتحرك ببطء.. وفجأة لقيته بيزحف بمنتهى السرعة 

الجو ضلمة كحل.. بارد بشكل خلى جسمي يتنفض أول ما فقت.. فايق بس مغمض عيني بسبب ألم غريب. 

ثواني مرت وحسيت إن صدري بيوجعني، نفسي باخده بالعافية، وكأن كان فيه حجر عليه فترة طويلة، ألم رهيب مقدرتش أتحمله..

فضلت أكح وأنا لسه مغمض عيني مش قادر أفتحها..

 

فتحت عيني بالعافية، إكتشفت إني مرمي على الأرض قدام باب المصحة بس من برة!!! 

فضلت مش مستوعب دقايق، كان عندي فقدان ذاكرة مؤقت، بعد ما الدقايق عدت، افتكرت كل اللي حصل. 

لقيت الموبايل جنبي، والكشاف مطفي، والدنيا لسه ليل، لحظات ونور الفجر لقيته بيقرب، قمت وأنا مش فاكر أنا خرجت إزاي، ولا مين ساعدني أخرج أصلاً.

أخر حاجة فاكرها التماثيل.. والنَفَس اللي كان بيخرج من تحت القماش، والكائن اللي بيزحف وأنا كنت على السرير!

والصوت اللي سألني:

- تحب تكون منهم؟!. 

مسحت العرق اللي على وشي، وبصيت للمبنى، بس المرة دي، كل الشبابيك مقفولة، مفيش نور، مفيش حياة، لا حتى فيه الفتحة اللي كنت دخلت منها!! 

ركبت العربية ومشيت بأقصى سرعة، كنت حاسس إني عايز أهرب من المكان بسرعة.. 

رجعت الشقة، قفلت الباب، حطيت الموبايل في الشاحن، وقعدت أراجع الصور اللي صورتها.

لما شحن، فتحته وجبت الصور.. كل الصور كانت سودة، إلا واحدة!! 

الصورة دي كانت لنفسي وأنا نايم على السرير اللي في النص، وحواليّ نفس التماثيل اللي كنت شايفها، بنفس الشكل والوضع!

بس وشي مش باين، متغطي بشاش أبيض، والخيط الأحمر اللي كان بيخيط وشوشهم.. كان ماشي حوالين رقبتي!

السؤال هنا.. مين صورني الصورة دي، واللي كان واقف عند الباب! 

قلبي وقع في الأرض، مسحت الصورة، وقمت أراجع الفيديو اللي كنت مصوره، لقيته شغال عادي أول كام ثانية، بعد كده الصورة اهتزت جدًا وبدأ صوت نفس حد بيتكتم، وبعدين صوتي أنا بيقول جملة مش فاكر إني قلتها:

(أنا كنت فاكرهم نايمين.. بس هم مستنيين يصحوا). 

قفلته فورًا، ورميت الموبايل على الترابيزة.

مش مصدق وحاسس إني لسه في كابوس.. 

تاني يوم كتبت التقرير..

كتبته كله زي ما حصل، حتى التفاصيل اللي محدش هيصدقها.

بعته للموقع، ورئيس التحرير كلمني بعد ساعة وقال لي:

– آدم إنت بتضحك عليَّ، إنت شايفني صغير.. الصور كلها فاضية، والمكان اللي كاتب عنه ده مش موجود أصلاً من سنين!

سكت والثواني مرت ببطء، زي ما أكون فقدت النطق، زي ما يكون فيه حد ضربني بقوة على راسي.. 

كمل كلامه لما لقاني ساكت، وقالي: 

–المصحة دي اتحرقت بالكامل سنة 87، ومفيش منها غير الأساسات، والمكان دلوقتي فاضي خالص.. إنت متأكد إنك دخلت المكان؟. 

مردتش، قفلت معاه وأنا حاسس إن الدم إتجمد في عروقي. فضلت متنح حوالي ساعة، دخلت على النت أدور على صور حديثة للمكان.. صور إيه مافيش صور فعلاً!

المكان مش موجود من الأساس، مجرد أرض مهجورة فيها شجر ناشف وجدران مهدومة.

من اليوم ده، وأنا عايش بين الحلم والواقع.

كل ليلة، قبل ما أنام، بحس بنفس النفس اللي تحت الشاش، بيقرب من ودني ويقوللي بهدوء:

-لسه فاضل مكان واحد.. يلا جيه وقتك.

وأول لما بصحى، بلاقي على الكومود اللي جنبي شاش ملفوف بخيط أحمر، نفسه اللي شُفْتُه على تماثيلهم.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Mohamed Farg تقييم 5 من 5.
المقالات

11

متابعهم

24

متابعهم

131

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.