قصة حب بين الواقعية و القدر ....
قصة حب بين الواقعية و القدر
قصة رومانسية: حين يُزهر القلب في اللحظة غير المتوقعة
في حياة كلٍّ منّا فصلٌ لا يُكتب إلّا حين تتقاطع القلوب صدفة، وتلتقي الأرواح في لحظة لا تخضع لقانون ولا تنتظر إذنًا لتثور. هكذا بدأت قصة "ليان" و"سامي"؛ قصة ليست مثالية، وليست حلمًا كاملًا، ولكنها واقعية بما يكفي لتلمس القلب، ورومانسية بما يكفي لتبقى في الذاكرة.
كانت ليان تعمل محررة في إحدى المجلات الإلكترونية، تمتلك ذلك الشغف الدائم بالكلمات، ترى في اللغة ملاذًا، وفي الكتابة مساحة للهروب من ضجيج العالم. ورغم نجاحها المهني، كانت تشعر دائمًا بفراغ داخلي لا يعرف أحد سببه. كانت تبتسم في الاجتماعات، وتنجز مهامها بدقة، لكنك إن نظرت في عينيها لثانية واحدة فقط ستفهم أن شيئًا ما ناقص، شيء يشبه النصف الآخر من الحكاية.
أما سامي فكان مصورًا مستقلًا، يتنقّل بين المدن واللحظات، يقتنص الجمال من تفاصيل لا يلاحظها الكثيرون. كان يؤمن أن الصورة قادرة على قول ما تعجز عنه الكلمات، ولذلك صنع لنفسه طريقًا بعيدًا عن الوظائف التقليدية. ورغم حياة السفر التي عاشها، لم يشعر يومًا بانتماء حقيقي لشيء أو لشخص؛ كان دائم الحركة، كأنّ قلبه نفسه لا يعرف الاستقرار.
اللقاء الأول
التقيا صدفة في فعالية فنية صغيرة أقيمت في إحدى المكتبات القديمة. كانت ليان هناك لتغطية الفعالية، بينما جاء سامي مرافقًا لصديق عرض بعض لوحاته. لم يكن أي منهما يبحث عن علاقة أو بداية جديدة؛ كانا فقط يكملان يومهما بطريقة روتينية عادية.
اقتربت ليان من إحدى اللوحات التي التقطها سامي، صورة لفتاة تقف أمام البحر وظهرها للشمس. كانت الصورة تحمل مزيجًا غريبًا من الوحدة والقوة. سألت من بجوارها عن المصور، فدلّها على سامي الذي كان يقف في زاوية يتأمل الحاضرين بصمت.
اقتربت منه وقالت بابتسامة لطيفة:
“صورتك مختلفة… فيها حزن جميل.”
نظر إليها باستغراب ممزوج بالإعجاب، وردّ: “أؤمن أن الجمال الحقيقي لا يظهر إلّا حين يمتزج بالضعف.”
تلك الجملة كانت الشرارة الأولى.
نمو العلاقة
لم يكن الحديث بينهما طويلاً في تلك الأمسية، لكنّه كان كافيًا لتترك كل منهما أثرًا صغيرًا في الآخر. وبعد أسبوعين، تواصلت ليان معه لعمل مقابلة حول مشروع تصوير جديد كان يستعد له. لم يكن التواصل مهنيًا فقط، فقد شعر كل منهما براحة غير مألوفة حين يتحادثان.
تكررت اللقاءات، مرّة بحُجّة العمل، وأخرى بلا حجة واضحة. كانوا يتحدثون عن الفن، عن الشغف، عن الأماني المؤجلة، وعن تلك الأجزاء المنسية داخل كل منهما. وكانت تلك اللحظات، مهما بدت بسيطة، تُعيد لكليهما شيئًا افتقداه طويلًا: الإحساس بأن أحدًا يفهمك دون أن تشرح كثيرًا.
التحدي الأول
لكنّ العلاقات الواقعية ليست سهلة دائمًا. بدأت الصعوبات حين تلقّى سامي عرضًا للعمل خارج البلاد لمدة ستة أشهر. كان عرضًا مهمًا ولا يمكن تجاهله، لكنه جاء في وقت بدأ فيه قلباهما يزهران.
ترددت ليان بين دعم حلمه أو الخوف من أن يبتعد، بينما كان سامي نفسه ممزقًا بين رغبته في السفر وحاجته للبقاء قريبًا منها.
في إحدى الليالي، جلسا على أحد مقاعد شاطئ الإسكندرية حيث اعتادا اللقاء. قال سامي بصوت منخفض:
“ما كنت أتوقع أن قرار السفر ممكن يكون صعب بالشكل ده… إنتِ غيرتِ كل حاجة.”
لم تجبه ليان مباشرة، لكنها أمسكت يده لأول مرة وقالت:
“لو السفر هيضيف لك… روح. وأنا هافضل هنا. مش وعد، لكنّي هافضل.”
كانت تلك الجملة بسيطة، لكنها منحت سامي يقينًا كان يبحث عنه. فقرر السفر، وقررت هي الانتظار، ليس بدافع التضحية، بل بدافع الإيمان بأن ما بينهما لم يكن مجرد علاقة عابرة.
النهاية التي تشبه البداية
مرت الأشهر الستة ببطء، لكنها لم تُطفئ شيئًا. على العكس، جعلتهما أقوى. كانا يتحدثان يوميًا، يتشاركان الصور والقصص والأحلام الجديدة. اكتشفا أن المسافة ليست اختبارًا للمشاعر، بل اختبارًا للثقة.
وفي يوم عودته، وجدته ليان ينتظرها في نفس المكان الذي جلستا فيه ليلة اتخاذ القرار. لكنه هذه المرة كان يحمل كاميرته وابتسامة لم ترَ مثلها من قبل.
ابتسمت ليان، وعرفت أن القصص الحقيقية لا تحتاج نهاية مثالية… بل تحتاج فقط قلبين صادقين التقيا في الوقت الصحيح، حتى لو ظنّا في البداية أنه الوقت الخطأ.